حوار أدبي مع رشيد أمديون

media7tvcontact
غير مصنف
media7tvcontact30 أغسطس 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
حوار أدبي مع رشيد أمديون
  • من هو رشيد أمديون؟

أنا أيضا أطرح هذا السؤال على نفسي بين مرحلة وأخرى، فهو بالنسبة لي سؤال وجودي. رغم بساطته يلخص كينونة الشخص، ويحدد جغرافية الشخصية، ويكشف تاريخها الذاتي، ويحدد انتماءها الفكري والأدبي… سأجيبك بما أجيب به نفسي. أنا إنسان مغربي ابن منطقة جبلية بسوس، نشأت وكبرت بإقليم مدينة القنيطرة. أبحث عن الجمال والإبداع لهذا اتجهت إلى الأدب لأنه وسيلة تعبير عن الذات وخلق العوالم من خلال الكتابة والقراءة، هما من وسائل التقاط الجمال أو صياغته في رؤية أدبية وفنية. ألا تكفي هذه الغاية لتكشف عن الماهية؟

  • بعد رصيد أدبي يتوزع بين الشعر والقصة والنقد، حدثنا عن أهم العوامل التي دفعتك إلى الكتابة؟

إن كنتَ تقصد البدايات الأولى التي تؤشر على ملامح مساري المتواضع في الكتابة، فقد كنتُ مولعا في صغري بكتابة الإنشاء، ثم الرسائل، وكتبت وقتئذ العديد منها للأصدقاء أنمق فيها التعبير أصوغ جملا مؤثرة… ولعي بحصة المحفوظات واهتمامي المتزايد بالنصوص والمشاركة في تحليلها داخل الفصل الدراسي، كان بداية عشقي للنصوص الأدبية، لم أكن أعرف ما الذي كان يجذبني إلى تلك المختارات لشعراء وكتاب مثل (عنترة/المتنبي/ أبو فراس الحمداني/ أبو البقاء الرندي/أحمد شوقي/خليل جبران/توفيق الحكيم/درويش/ أبو ماضي/ الشابي/ عبد المجيد بنجلون/عبد المالك البلغيتي/نجيب محفوظ/ وغيرهم…) كان هناك سر ما، لم أستوعبه إلا بعد نضجي، فهمت أن الأثر هو جوهر الأدب عامة، لهذا ففي كل مرحلة كنت أقرأ لأستمتع ولكي أعرف كيف أقول للعالم أني هنا لأعبر عن كينونتي.. تتسع دائرة قراءاتي لأجدني أكتب وأخربش بعض العبارات دون أدنى اهتمام إلى تصنيفها ضمن أي جنس أدبي، الذي كان يهمني، أنها تعبر عن حالتي النفسية خاصة في مرحلة عمرية تبدأ فيها المشاعر في النضج ويخوض فيها الإنسان تجربته العاطفية الأولى، أي ما يشبه بداية الدهشة التي تدفع الإنسان إلى أن يكتب عمَّا يخالج وجدانه إنه ما يماثل ترجمان الأشواق. أنا من جيل لم يعرف الأنترنت في صغره، لم تكن هذه التقنية متاحة، كان الكتاب هو وسيلتنا الوحيدة. ومن حسن حظي، كان في منزلنا مكتبة خاصة يزودها أخي الأكبر باستمرار بالكتب، كانت فرصتي في قراءة العديد من الكتب (فلسفية/دينية/فكرية/أدبية) والاستفادة منها.

قد تعد هذه الأمور من العوامل التي دفعتني إلى أن أتبع طريق الكتابة وغوايتها، ولا أدري هل أنا من اختار ذلك بوعي عقلي، أم أن العامل النفسي والعاطفي هو من ساقني إلى هذا الطريق. ويبدو أن المسار تطور لأن الحياة مراحل ولكل مرحلة تفكيرها وخطابها وأسلوبها، تفرضه اهتمامات الشخص وما يكتسبه من تجارب الحياة المختلفة وما ينضاف إلى رصيده المعرفي والثقافي. في مرحلة ما شطحت بعيدا عن ولعي بالأدب فاتجهت إلى مجالات معرفية أخرى أقرأ فيها باحثا ودارسا ومتعلما، لكني في زمن ما عدت إلى عشقي الأول، الأدب، واطلعت على الأدب العالمي والصوفي أيضا… ومازلت أقرأ وأتعلم. والحمد لله هي نعمة.

  • بدأت مشوارك الأدبي بكتابة الشعر والقصة، لكنك في السنوات الأخيرة اتجهت إلى النقد والبحث العلمي، لماذا هذا التحول؟ وهل هذا يعني أنك وجدت نفسك في النقد أكثر؟

سأصارحك أني أحاول أن أكتب ما يمتعني أولا قبل أن يُمتع المتلقي، وكل كتابة تمتعني لا شك أني أجد فيها نفسي، ويحضر فيها أثر الجمال، وأشعر أني حققت خلالها غاية جمالية، سواء كان ذلك عبر الخاطرة أو الشذرة أو الشعر أو القصة أو في نص مفتوح، أو حتى في دراسة/مقال/قراءة.

بخصوص الإبداع قد أكتب على مراحل متباعدة زمنيا، لكن ما أراهن عليه هو إبداع ما يمتعني ثم يمتع المتلقي. لهذا فإن اتجاهي إلى الاهتمام بالنقد، لا يُعدُّ تحولا إنما هو نوع من الاشتغال، لأني أزاوج بين الكتابة والقراءة، أو القراءة والكتابة (لا مشكلة أيهما نقدم وأيهما نؤخر) أقرأ كثيرا وأكتب قليلا هذا فيما يخص الإبداع. إلى أن صرت منذ عام 2016 (تقريبا) أكثِرُ من كتابة المتابعات والقراءات، أتناول الإصدارات الأدبية (خاصة المغربية منها)، لكن لا أعتبر هذا الأمر تحولا، إنما هو اشتغال يكسبني باعتباري قارئا رصيدا معرفيا، وباعتباري كاتبا يكسبني آليات أخرى لتطوير الكتابة. اهتمامي بالنقد راجع بالأساس إلى مبدأ كنت صرحت به للعديد من الأصدقاء المهتمين بالمجال الأدبي، آلا وهو طمس الفجوة القائمة ما بين القارئ والكاتب (والناقد قارئ بالأساس). ربما يرى غيري أن العلاقة بين الطرفين لا تشوبها شائبة، وإنما هي قائمة على التواصل والتفاعل، وأنه لا وجود لتلك الفجوة التي تبدو لي. لكن، اسمح لي أن أوضح أن الكاتب يحتاج إلى تفاعل القارئ مع نتاجه الإبداعي، تفاعلا ملموسا (إعجابا، انتقادا، ملاحظات، تلخيصا، قراءة…)، لا يكفي أن يُقرأ الكتاب أو النص، هناك عملية أخرى تلي هذا الفعل. المطلوب؛ هو تجسيد تصورات القارئ من خلال تدوينة أو مقال أو دراسة، كل حسب قدرته وما توفر لديه من آليات الكتابة والتعبير.. وما يسمح به الوقت أيضا (طبعا أنا أقصد القارئ المهتم). إن هذا ما يمثل حق ممارسة التأويل والتعبير. وأعتقد أن الوسائل الحديثة اليوم تتيح للجميع إمكانية التفاعل مع ما يقرأه من كتب ولو من خلال سطرين وذلك أضعف الإيمان. هناك وسائط إلكترونية كثيرة تتيح ذلك وتدعو إليه. لهذا أرى أن غياب هذا التفاعل (أو لنقل شبه غيابه) يعد فجوة. والمبدأ عندي أن تفاعل القارئ من الأسس الضرورية لخلق مجال يتصل فيه القارئ بالكاتب، فيعرف الثاني رأي الأول وانطباعه… فليس ثمة كاتب لا يستحضر القارئ أتناء عملية الكتابة بل يستحضر أذكى قارئ على الإطلاق. هذا التفاعل هو ما حدا بي إلى أن أكتب عن كل كتاب قرأته ما تيسر من السطور فأنشرها على صفحتي الفيسبوكية، أو أقوم بعدها بإنجاز قراءة أو دراسة في بعض الكتب وقد تنشر في مجلة متخصصة أو صحيفة أو كتاب جماعي إن وجدت إلى ذلك سبيلا.

  • من وجهة نظرك؛ هل النقد مكمل للإبداع أم مواز للنص الأدبي؟

أرى أنه يحقق الأمرين معا، فهو مكمل للإبداع من حيث كون النقد قراءة في النصوص وبحث ونبش في خفاياها وخباياه، وبحث عن المعنى بتأسيس نص افتراضي يغطي فراغات النص المدروس ويكشف سره العميق. والنقد مواز للنص الأدبي من حيث اعتباره يمنح إمكانيات يصل من خلالها الناقد/القارئ بإبداع مقالة/دراسة لا تقل أهمية عن النص الأدبي.

وبغض النظر عن “هل هو مكمل أم مواز”، فأرى أيضا أن العلاقة التي تربط النقد بالنص الأدبي علاقة تكامل، فلا وجود للنقد من غير النص ولا حياة دائمة وحقيقية للنص من غير النقد والذي من آلياته القراءة التي تقبل التجدد.

 

  • صدر لك ديوان شعري بعنوان “همسات الروح والخاطر” سنة 2014، تلته مشاركات في بعض الإصدارات الجماعية، ألا تفكر في تطعيم رصيدك بإصدارات فردية جديدة؟ وما أسباب العزوف على النشر؟

نعم أفكر طبعا، خاصة وأن لدي كتابين جاهزين، الأول مجموعة قصصية، والثاني قراءات في القصة المغربية، إلا أن موعد خروجهما لمَّا يحن، أو أنه آن أوانه لكني أرجئ التنفيذ إلى زمن آخر مازال في الغيب… وبصراحة النشر مغامرة، كالإبحار، لا بد أن يعد له البحار عدته. وأعتقد أني ما دمت أنظر إلى نصوصي بعين الناقد الذي يصوِّبُ ويُقيِّم، فأخشى أن لا أبحر، وأظل أرمم قاربي على شاطئ لا ساحل له.

غير أني لست عازفا عن النشر بعد تجربتي الأولى “همسات الروح والخاطر”، أتبع مبدأ التريث فقط، فأنا عدو الاستعجال في النشر، كما أجعل نصب عيني حكمة ابن عطاء الله السكندري: «ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت ممَّا لم يُدفن لا يتم نتاجه» والخمول لا يعني هنا الكسل بل هو الاشتغال بحكمة وتريث بعيدا عن مغريات الظهور التي قد تسوق الكاتب إلى إخراج نتاجه الأدبي قبل اكتماله فنيا وجماليا، وهذا النمط من الاشتغال لا يعد انزواء وانقطاعا إذ لا جدوى منه إذا كان كذلك، وتحقيق التواصل الإبداعي ضرورة حتمية وكلما اتسعت دائرة الاتصال بالكتَّاب والباحثين ونتج عن ذلك نقاش أو تعاون أو عمل ثقافي زاد الرؤية اتساعا، وكلما اتسعت الرؤية المعرفية، ضاقت العبارة إذا لم يتم تغيير الأدوات أو صقلها.

وبذلك، ليس هناك سبب محدد لتأخري عن النشر إلا ما قلته الآن، إضافة إلى أني أكره الاستعجال فيما يخص هذا الأمر.

  • مع انتشار الوسائل الإلكترونية نلاحظ ظهور مجموعة من الأسماء الجديدة، ما رأيك في هذه الظاهرة؟ وهل هذه الأسماء جديرة بالاهتمام والمواكبة؟

الوسائل الإلكترونية وسائط مهمة فتحت باب النشر أمام الكتاب المعروفين والمغمورين، لا ننكر أنها أوجدت مساحة إيجابية للتفاعل وبروز أقلام شابة مبدعة تستحق التشجيع والدعم والمواكبة، وهذا ما قصدت أن أشير إليه في مسألة تفاعل القارئ مع الكاتب وطمس الفجوة الكائنة بينهما، ففي هذا تشجيعا لهذه الأقلام الشابة المبدعة. أما من يبحث عن شهرة إبداعية مزعومة، تقوم على حرق المراحل خاصة عندما نرى إصدارا مازال لم ينضج إبداعيا، فهو ما يشبه الإبحار بقارب مخروم.

  • شاركت في كتابين نقديين، كيف تقيم واقع النقد بالمغرب الآن، وهل يستطيع مواكبة كل الأعمال التي تنشر سنويا؟

شاركت في أكثر من كتابين نقديين، هناك «جماليات الخطاب السردي: قراءات في قصص “ألق المدافن” للقاص رشيد شباري» (2018) و«القصة المغربية وأسئلة التلقي قراءات في قصص “ماذا تحكي أيها البحر…؟” لفاطمة الزهراء المرابط» (2020) وهما كتابان من إصدارات الراصد الوطني للنشر والقراءة. وكتاب «حوار النص والسياق في الرواية المغربية المعاصرة قراءات في رواية “معزوفة لرقصة حمراء” لعبد القادر الدحمني» (2021). إضافة إلى كتاب يضم حوارا لي حول القصة القصيرة جدا، «شجون الأدب وشؤون النقد، حوارات في القصة القصيرة جدا بالمغرب» للكاتب محمد البغوري (2020). وكتاب جماعي آخر سيصدر قريبا إن شاء الله.

أما بخصوص واقع النقد المغربي، ومواكبة كل الأعمال التي تنشر سنويا: في الوقت الراهن لا يمكن ذلك مادام النقد يتجه نحو تكريس أسماء معينة، واتباع بعض النقاد لسياسة النقد تحت الطلب أو ما يشبه تبادل الأدوار، كأننا في حمام عمومي (حكّ لي نحكّ ليك). ولعلني أتساءل معك ما المشكلة لو أن ناقدا تناول عملا لمبدع شاب دون سابق معرفة؟ ألا يكفي العمل كدليل على جودة إبداعه؟ كيف يمكن أن نخدم الإبداع المغربي إذا لم نرفع من وثيرة المواكبة النقدية، وأظن أنني مازلت أؤكد على دور القارئ/الناقد وتفاعله الذي يطمس الفجوة القائمة.

  • يصرح بعض الكتاب الشباب بأن النقد لا يشملهم برعايته، وأنه موجه للأسماء المعروفة فقط، ما رأيك في ذلك؟

نسبيا أتفق مع هذا الرأي وقد أجبت عن السؤال أنفا، إلا أني أرى أن التعميم يعد ظلما، إذ هناك نقاد يتعاملون مع العمل لا مع الأسماء. ويمكن أن ننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، أي من حيث إمكانية الحصول على العمل الأدبي، هل هو متاح في كل مكان، بمعنى أن التوزيع والإعلان أمران ضروريان ليصل الكتاب إلى عموم القراء والمهتمين بالأدب. أعتقد أن الكاتب أيضا له من المسؤولية نصيب، فهو مسؤول عن توسيع دائرة تواصله مع المهتمين حتى يُعرِّف بإبداعه وسط الميدان الأدبي (هناك عملية تسويق)، وهكذا فإني لا أتفق مع من يلزم بيته أو يعيش في دائرة مغلقة ولا يتخذ الأسباب، ثم يتهم النقد بعدم الالتفات إليه. إن أول التفاتة للكاتب يجب أن تكون من الكاتب نفسه.

  • من خبرتك النقدية، ما الأصعب فنيا: القصة أم الرواية، ولماذا؟

اسمح لي أن أجيب عن هذا السؤال من منطلق كوني كاتب قصة فقط، أما بخصوص النقد فأنا أهتم به، هذا صحيح، لكن لا أدعي أني ناقد، إنما أنا قارئ ينصت للنصوص ويتفاعل معها.

من الناحية التقنية لكل جنس خصوصيته، لهذا فالصعوبة التي تواجه الكاتب إذا أراد كتابة القصة القصيرة تختلف عن الصعوبة التي تواجهه في كتابة الرواية. كلا الجنسين له صعوباته حين تكون هناك رغبة حقيقية في إبداع نص يقوم على مقومات الجنس المختار ويستثمر عناصره الأدبية لتشكيل رؤية فنية وجمالية. فالقصة القصيرة تفرض على الكاتب أن يصب العالم كله في رؤية جزئية، أن يختزله في لحظة شاردة، وهنا تكمن صعوبة توليد المعنى وتحقيق الأثر الجمالي. أما الصعوبة في الرواية فتكمن في النفس السردي الطويل الذي يحرص على تعدد الشخصيات وتداخل الأحداث وتواليها وتنوع الأمكنة والفضاءات… إضافة إلى الخيال الشاسع الذي يبدع في تصوير عالم الرواية بتفاصيله.. الرواية تحتاج صبرا طويلا حتى يستقيم عودها كما تحتاج القصة إلى صبر أيضا حتى تختمر قبل أن يتم قذفها إلى الفرن.

  • باعتبارك فاعلا جمعويا، كيف ترى الوضعية الثقافية بالمغرب عامة، وبسيدي علال التازي خاصة؟

نعم الوضعية الثقافية بالمغرب تنتج حركة ثقافية لكن هذه الحركة بطيئة التأثير، الأثر موجود لكن التأثير ضعيف، لا أعرف هل لضعف صوت الفاعلين الثقافيين، أم لركونهم إلى الظل أو لاتكالهم. ذات مرة ذهبت لحضور أمسية ثقافية أدبية بفضاء القصر البلدي بالقنيطرة، كان اللقاء متزامنا مع حفل غنائي شعبي أقيم في قاعة واسعة امتلأت عن آخرها. كان اللقاء الأدبي في قاعة أخرى بالطابق الأعلى، ورغم أنه في الأعلى إلا أن صوت الأغاني والمنشط كان صاخبا، في حين أن الأمسية الأدبية كان صوتها منخفضا. وقتها تمثل لي الصوت الأكثر ارتفاعا وشعبية والأكثر اتباعا.

وما يمكن أن أخص به سيدي علال التازي من الناحية الثقافية، هو أنه مجال قاحل إلا ما أحدثنا فيه أنا وبعض الأصدقاء من حركة ثقافية منذ 2016 (أعتبرها ضعيفة)، حين نظمنا أياما ثقافية تعنى بالقراءة، وحفل توقيع لإحدى الروايات المغربية عام 2018، إضافة إلى الاحتفاء الذي خصصه بعض الجمعويين لكتابي همسات الروح والخاطر عام 2017. وإن هذا الوضع هو ما دفعنا إلى تأسيس جمعية المحور الثقافي للقراءة والإبداع رغبة منا في جعل سيدي علال التازي المركز باعتباره مجالا قرويا هامشيا ينخرط في الشأن الثقافي بشكل منتظم.

  • تنتمي إلى المكتب الوطني لـ”الراصد الوطني للنشر والقراءة”، كما تترأس جمعية “المحور الثقافي للقراءة والإبداع”، هل تؤمن بضرورة انخراط الكاتب في العمل الثقافي التطوعي؟ وهل لازال للعمل الثقافي سلطة في المجتمع؟

أفتخر أني أنتمي للراصد الوطني للنشر والقراءة، ولا أعتقد أن الانتماء جاء هكذا عبثا، وإنما هو نتيجة عمل ثقافي وأدبي واشتغال وتعاون، في مرحلة قبلية، مع أعضاء المكتب وبالأخص المبدعة فاطمة الزهراء المرابط. لهذا فاختياري للانضمام للمكتب مبني على ثقة حظيتُ بها من الراصد وكل أعضائه، إضافة إلى اقتناعي بالعمل الجبار الذي يقوم به هذا الإطار الثقافي والكل يعلم قيمته ولا يجحد ذلك إلا جاحد.

أما عن رئاستي للمحور الثقافي فإني أعتبره تكليفا لأنه يضع على عاتقي مسؤولية العمل الثقافي والأدبي بمجال قروي، تعدُّ فيه القراءة والكتب والإبداع الأدبي آخر الاهتمامات، وهو انخراط تطوعي وفي الوقت نفسه يعد ضرورة ملحة، وتكمن ضرورته في ترجمة القول الثقافي إلى فعل إيجابي يتخذ له صوتا مؤثرا وسط الأصوات الأخرى: السياسية والاجتماعية والرياضية… لأن الممارسة الثقافية فعل تنموي أيضا، وتقوم على إنتاج المعرفة وصقل المواهب واكتشاف المبدعين، وترسيخ المبادئ والقيم والأخلاق في المجتمع، كما تقوم برفع مستوى وعي الشباب واستثمار حيوتهم فيما هو إيجابي. لعل الممارسة الثقافية إذا حققت هذه المطالب يكون لعملها سلطة في المجتمع ليس بمعنى العنف والقوة ولكن بمعنى التأثير وتحقيق النتائج الإيجابية.

  • كلمة أخيرة…

أوجه لك شكري: الأستاذ كمال العود على هذا الحوار الجميل وعلى هذه الأسئلة التي أتاحت لي فرصة الإفصاح عن أشياء كثيرة كانت تمر في البال دون أن أكتبها رغم أن بعضها جاء في نقاشاتي مع الأصدقاء. وأعتقد أن هذه الحوارات التي تنجزها تحرك ما ركد من المياه، وتزيل رياحُها غمام الرتابة لتكشف شموس بعض المعاني.

فالمجد والخلود للأدب.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.