واصلت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، صباح اليوم الجمعة، تحقيقاتها مع متورطين جدد في قضية الاختلالات المالية التي طالت الشركة الفرعية “العمران الشرق”. ومن بين المتهمين الذين خضعوا للاستجواب مدير وكالة، ومدير مالي سابقان، ومديرو مشاريع. وتأتي هذه التحقيقات بناءً على تعليمات الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، في إطار الأبحاث التمهيدية التي بدأت بعد توقيف المدير العام السابق للشركة وعدد من الموظفين ووضعهم تحت الحراسة النظرية، في انتظار عرضهم على قاضي التحقيق.
تطورات القضية والاختلالات المكتشفة
تشير مصادر مطلعة إلى أن الإدارة القانونية للمجموعة الأم “العمران” تتابع عن كثب تطورات القضية. وقد أحال الرئيس المدير العام للمجموعة، حسني الغزاوي، الملف على محكمة جرائم الأموال بفاس، بعد رصد تقارير داخلية كشفت عن تورط المدير الجهوي السابق للشركة في تجاوزات خطيرة، بدعم من مسؤول كبير سابق غادر المجموعة للاستثمار في القطاع الخاص.
وتتركز التحقيقات على تلاعبات بصفقات البناء والأشغال والدراسات، وسوء تسيير الموارد والمشاريع، ما أدى إلى تراكم ديون ضخمة على الشركة، أبرزها دين بقيمة 187 مليون درهم لصالح المجموعة الأم “العمران”. وأفادت المصادر بأن سوء التسيير تسبب في حجز تحفظي على ممتلكات الشركة لصالح شركات أخرى، بينها شركة كبرى للأشغال بجهة الشرق.
في سياق متصل، أعلنت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، العام الماضي عن استراتيجية جديدة تهدف إلى إصلاح نموذج عمل مجموعة “العمران”. ودعت هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الشفافية والجودة وتحقيق القرب من المواطنين، تماشياً مع خريطة الإصلاح التي وضعتها المجموعة.
وشملت هذه الإصلاحات إطلاق منصة رقمية لتسويق المنتجات بشكل شفاف، وتطوير أنظمة الاستشارة المتعلقة بطلبات العروض، بهدف ضمان التعاقد مع مقاولات ومكاتب دراسات ذات كفاءة عالية. كما تم تعميم التعاقد مع مختبرات متخصصة لمراقبة جودة الأشغال، وتحديث مساطر تتبع المشاريع، واعتماد أنظمة معلوماتية متقدمة لتحسين إدارة المشاريع.
بدأت الشركات الفرعية التابعة للمجموعة في اعتماد آليات جديدة لتدبير المخاطر ومواجهة الشركات المخلة بالتزاماتها. وفي هذا السياق، قام المدير الجهوي للعمران بجهة الرباط سلا القنيطرة بمقاضاة شركة تورطت في فساد تجهيزات تجزئة بسيدي يحيى الغرب، حيث عملت على نهب الرمال وإعادة بيعها، ما ألحق أضراراً كبيرة بالأراضي. وأجبرت هذه الشركة على تقديم تعويضات للمتضررين.
تعكس هذه التحقيقات والإصلاحات رغبة السلطات والمؤسسات المسؤولة في التصدي للفساد وتحقيق الحوكمة الرشيدة في القطاع العقاري، بما يضمن الحفاظ على المال العام وتحسين أداء المشاريع التنموية.