صادق البرلمان على قانون الإضراب وسط معارضة شديدة من النقابات، التي اعتبرته انتصارًا جديدًا للباطرونا وأصحاب المال والأعمال على حساب الطبقة العاملة. فالقانون، كما ترى النقابات، ليس سوى أداة لقمع الإضرابات وتقييد حقوق العمال عبر فرض الغرامات والاقتطاعات وحتى السجن والطرد، مما يمنح المُشغِّلين صلاحيات واسعة ويُفرغ العمل النقابي من مضمونه.
الإضراب: من حقّ مشروع إلى جريمة: فلطالما كان الإضراب وسيلة فعالة للاحتجاج والضغط من أجل تحسين أوضاع العمال، منذ عهد الاستعمار إلى يومنا هذا. وكان سلاحًا للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لكنه اليوم يواجه هجومًا ممنهجًا يسعى إلى تحييده تمامًا. فالقانون الجديد، الذي يأتي في سياق أزمة اقتصادية خانقة، يُفاقم معاناة الطبقة العاملة التي تعاني أصلًا من تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة واتساع رقعة الفقر.
فغي ظل حكومة يسيطر عليها رجال أعمال وأصحاب مشاريع، لم يكن مستغربًا تمرير قانون كهذا. فبعض الوزراء، بمن فيهم رئيس الحكومة، ينتمون إلى الطبقة التي تستفيد من تقييد الإضرابات، وهو ما يفسر التشدد في إخراج هذا القانون إلى النور. فبدلًا من حماية العمال وتحسين أوضاعهم، تُركّز الحكومة على تأمين مصالح النخب الاقتصادية، متجاهلة الأزمة المعيشية التي تزداد حدّتها يومًا بعد يوم.
وما دام الإضراب حقٌّ دستوري، وأي قانون يقيّده بهذه الصورة يُعدّ انتهاكًا لمبدأ دستورية القوانين. فكيف يمكن لدولة تتبنى شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان أن تُجرّم الإضراب وتحاصر العمال في أماكن عملهم وكأنهم أقنان في إقطاعيات حديثة؟
يتبادر الى ذهني سؤال لطالما تجرعت مرارته إلى أين يسير البلد؟
تمرير هذا القانون يعكس توجهًا نحو مزيد من التضييق على الحقوق والحريات، وهو ما يُعيدنا إلى عصور الاستغلال الإقطاعي حيث كان العمال مجرد أدوات للإنتاج دون حقوق حقيقية. فبدلًا من خلق بيئة عمل عادلة، يُعمّق القانون الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ويعزز الاستفراد بالثروة على حساب من يصنعونها.
إن كانت الحكومة تسعى إلى قمع كل أشكال الاحتجاج، فالأمر لن يكون بهذه السهولة. فالطبقة العاملة، التي صمدت في وجه الأزمات والتهميش لعقود، لن تستسلم بسهولة، وستظل تناضل من أجل حقوقها بكل الوسائل المتاحة.