—
تحولت الملايير التي ترصدها الدولة سنويًا لدعم الجمعيات النشيطة في ميادين اجتماعية وثقافية وفنية ورياضية إلى غنيمة انتخابية تُوزع خلف الكواليس. فما يفترض أن يكون سندًا لتقوية النسيج الجمعوي وخدمة قضايا المجتمع، صار أداة في يد جماعات ترابية ومنتخبين، يسخّرون المال العام لخدمة حساباتهم السياسية والشخصية.
وفي خرقٍ سافرٍ للقوانين والمساطر، يتلاعب العديد من المنتخبين بلوائح الجمعيات المستحقة، ويشتغلون بعيدًا عن المقررات الرسمية والدورات المخصصة لتحديد معايير الدعم. هكذا تُقصى الجمعيات الجادة، وتُفتح صناديق المال العمومي لفائدة جمعيات “الأقارب الانتخابيين” أو كيانات وهمية لا ترى النور إلا قبيل موعد صرف الدعم.
وتُطرح أسئلة محرجة حول معايير انتقاء الجمعيات المستفيدة: أين هي مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص؟ من يحاسب المنتخبين الذين يحوّلون الجمعيات إلى “خلايا انتخابية” تحت غطاء العمل الاجتماعي؟ ولماذا يغيب التدقيق المالي الحقيقي لمصير تلك الملايير؟
أمام هذا العبث، تتعالى الأصوات المطالبة بفتح تحقيقات عاجلة، ونشر لوائح الجمعيات المدعومة سنويًا، مع تحديد معايير الدعم بشكل صارم، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فمتى تتحرر أموال الشعب من قبضة “الزبونية” و”الريع الانتخابي”