في جلسة جرت على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، رد عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، بشكل حازم ومتزن على التصريحات التي أدلى بها أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، بشأن ملف الصحراء المغربية. وقد جاء رد هلال ليُعيد رسم الموقف المغربي أمام المجتمع الدولي، مصوّبًا مغالطات الخصم، مؤكدًا ثوابت المملكة ومبرّراتها .
في إطار النقاش العام للدورة الأممية، ألقى الوزير الجزائري مداخلة تناول فيها مقترحاته “لحل النزاع في الصحراء الغربية” والحديث عن أسس ومبادئ للتسوية، موضحًا مواقف جزائرية تقترح دورًا للوساطة أو الضوابط الدولية في العملية.
رد هلال جاء سريعًا وبقوة، لكنه لم يعتمد على خطاب هجومي، بل على الحقائق التاريخية والدبلوماسية، مكتفيًا بأن يرد “دون جدال أو عدائية” على ما وصفه بـ «المغالطات» الواردة في خطاب المسؤول الجزائري.
في كلمته، بنى هلال رده حول عدة محاور أساسية:
1. التذكير بالمبادرة المغربية والتاريخ
لفت إلى أن المغرب هو الذي بادر بإدراج ملف الصحراء على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عام 1956، باعتباره قضية تصفية استعمار.
استعرض اتفاقيات مدريد (1975) التي أنهت الوجود الإسباني في المنطقة، والتي أخذت بها الأمم المتحدة، من خلال قرار الجمعية العامة رقم 3458B الذي اعترف باتفاقيات مدريد.
أشار إلى أن ملف الصحراء لم يعد يُنظَر إليه فقط باعتباره ملف تصفية استعمار، بل كمجال يتداخل مع السلم والأمن الدوليين، وهو ما يعكسه اشتغال مجلس الأمن بهذا الملف في إطار النزاعات الدولية.
2. تفنيد فكرة “الوقائع المفروضة” وتعزيز الرؤية التنموية
ردّ هلال على فكرة أن ما يحدث في الأقاليم الجنوبية المغربية هو “وقائع مفروضة” بل أكد أن هذه الوقائع هي نتاج تنمية حقيقية ومشاريع ملموسة: جامعات، مستشفيات، بنية تحتية، طرق وسيارات، وأكبر ميناء في المياه العميقة على المحيط الأطلسي.
أشار إلى افتتاح مشاريع كبيرة من قبيل أكبر جسر في إفريقيا، وتواصل استثمارات ضخمة في الأقاليم الجنوبية، مما يعطي مصداقية للتنمية واستدامتها.
3. التناقض في الموقف الجزائري وطرح السؤال البلاغي
انتقد هلال تناقض الجزائر في التصريحات: ففي الوقت الذي تدعي أنها “ليست طرفًا في النزاع” تطرح شروطًا وتتحدث عن أسس للتسوية، وهو ما يكشف، حسبه، أنها طرف فعلي في القضية.
سُئل في مداخلته: ”بأي صفة تضع هذه الشروط إن لم تكن طرفًا؟”، في إشارة إلى أن الموقف الجزائري غير متوافق مع الزعم بعدم التدخل الرسمي في النزاع.
4. الدعم الدولي للمقترح المغربي ومصداقيته
شدد هلال على أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يحظى بدعم واسع من الدول، حيث أشار إلى أن أكثر من 120 بلدًا تدعمه، إلى جانب فتح حوالي 30 قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء، كدليل عملي على الاعتراف بالمغربية.
ذكر أن مجلس الأمن ومنذ عام 2007 يستمر في تبني القرارات التي تثمن المبادرة المغربية وتعتبرها “جادة وذات مصداقية” في إطار التفاوض والحل السلمي.
5. الرسالة النهائية والتوازن الدبلوماسي
اختتم السفير مداخلته باقتباس من خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش 2025، الذي دعا فيه إلى حلّ سياسي توافقي “لا غالب فيه ولا مغلوب”.
شدد على أن موقف المغرب ليس موقف صدام، بل مبني على القانون، على الحق التاريخي، على التنمية، وعلى الطموح إلى مصالحة سياسية تحفظ استقرار المنطقة