من هو محمد بن صالح؟ هل يمكن تعريفه في سطور؟
عربيٌّ يحاول أن يستخدم عقله في زمان جُرِّم فيه التفكير
– للبدايات نبضها الذي لا يفارق القلب، كيف كانت بداية محمد بن صالح مع الرواية ؟
بدأتُ الكتابة -طبعا لنفسي- في المرحلة الابتدائية، إذ كنت حينها أكتب خربشات قد تنضوي تحت: الشعر – وما هو بشعر – الزجل، الخواطر…
وقد رافقتني هذه الموهبة -التي صُقلت في ما بعد بالقراءة، القراءة، القراءة…- في المرحلة الجامعية، وسكنتني الكتابة واستهوتني الرواية بشكل كبير، فاختارت الكتابة فيها.
لعل الرواية تمنحنا مساحة أكبر من باقي الأجناس الأدبية للتعبير كما نشاء، فالرواية تسعفنا « في قول كل شيء » بتعبير الكاتب محمد برادة.
– برأيك..هل للمكان دور في تكوين إبداعية المبدع؟
لا أظن أن للفضاء دور مهم في العملية الإبداعية – على أقل بالنسبة لي- إذ إني لا أكتب فقط وأنا جالس على المكتب كما يفعل -عادةً- بعض الكُتّاب. قد أكتب في المقهى، في الحديقة، في البيت، في الهواء، في السماء، في الفراغ، فوق الألم، فوق الجبال…
على ذكر الجبال، فقد كتبت جزءا لا بأس به من روايتي فوق قمة جبلية تبلغ ٢٠٠٩ متر.
أكتب في كل أماكن التي لا تخطر على بال.
– هل للكتابة زمن معين عندك؟ متى يأتيك إلهام الكتابة؟
لا يوجد زمان محدد عندي للكتابة، إني أكتب في أي وقت أشاء، فأنا من يحدد الزمن وليس العكس.
غير أن هذا لا يعني أن الإلهام يكون حاضرا في كل الأوقات التي نجلس فيها للكتابة، لكن أفضل وقت تكتبني فيه الكتابة يكون بعد الفجر.
لعل «الهَوْبَرَ» حينها يحضر شخصيا ليبارك هذه الولادة !
– بإسهاب غير ممل حدثنا عن روايتك “طفولة في سجون الموت”؟ ما أبرز القضايا التي عالجتها في هذا العمل؟
رواية اجتماعية تغوص في عوالم متعددة، حاولت الانتصار للمنهزمين والمسحوقين الذين يعيشون على الهامش، بعدما اغتصبتهم الحياة ومزّقت أحلامهم…
من القضايا التي عالجتها روايتنا، نذكر على سبيل المثال لا الحصر الآتي: التفكك الأسري، الفقر، الهدر المدرسي…
كما حاولت الرواية أن تعري عن واقع بعض الفئات المنسية في مجتمعنا وأطفال الشوارع واحدة منهم، التي تعيش الحرمان والنسيان والضياع في واقع مظلم كئيب لا أحد يعلم عنهم شيئا.
– وما سر حضور تيمة الحرمان (السجن) والشَّدة (الموت) في عنوان الرواية؟
اكتسب السجن والموت وباقي التيمات أهمية كبيرة في الرواية، فالفضاء في الرواية هو سجن واسع، فكل الفضاءات لم تشكل فارقا حقيقيا بين السجن المغلق والعالم الخارجي، نتيجة للمعاناة والحرمان والظلم. فأبطال الرواية يعيشون في عالم الضياع الذي يحيل إلى الصراع بين الموت والحياة. وقد اتخذ الموت في العمل عدة أشكال: الموت الجسدي، الموت النفسي، الموت الاجتماعي…
– ذات مرة تحدث “جورج اورويل” عن “أربعة دوافع كبرى للكتابة”. لماذا تكتب أنت؟
نبدع كي لا نموت
نبدع كي نُحلق فوق الألم
نبدع لمقاومة هذا العالم التافه
نبدع كي نعيش بسلام في عالم لا يؤمن بالسلام !
– كيف ترى المشهد الأدبي في المغرب عموما، ومدينتك خصوصا؟
مدينتي خارج التصنيف !
بخصوص المشهد الأدبي المغربي فإني أستعير جملة قالها لي الدكتور والروائي ” عادل أوتنيل” « الأدب في المغرب في تطور، لكن لم نصل بعد للمشارقة !»
– الشبكة العنكبوتية، العالم الافتراضي، مواقع التواصل الاجتماعي. وسائل ترويجية مهمة، كيف تعاملت معها في تقديم تجربتك الروائية مع الآخرين؟
مواقع التواصل الاجتماعي هي عالم واقعي ولم تكن يوما عالما افتراضيا،
هذه المواقع جميعها ساعدتنا بشكل كبير في الترويج والتعريف بعملنا الروائي، ومن خلالها تعرف القُراء علينا، والكثير منهم التقينا بهم في واقعنا المعاش.
مواقع لا غنى عنها، فقد خدمت كُتاب جيلنا، وأتاحت الفرصة لكل مبدع تسكنه الكتابة حتى لا تبقى الكتابة حكرا على أحد !
– لمن قرأت في السابق..أو لمن تقرأ دائما، هل هناك كاتب معين يجتذبك في جنس الرواية؟
بدايتي كانت مع أمير البيان “مصطفى لطفي المنفلوطي” الذي قرأت أول رواية له ” في سبيل التاج” حينها سحرني أسلوبه فقرأت لاحقا كل أعماله.
وطبعا قرأت للكُتاب المغاربة، خاصة “محمد شكري” وشاعر الرواية المغربية ” محمد زفراف” الذي قرأت أعماله الكاملة
وطبعا أقرأ لمعظم المشارقة بدءا من : طه حسين، نجيب محفوظ، الرافعي، إحسان عبد القادوس، رضوى عاشور، غسان كنفاني، عبدالرحمن منيف…
وأقرأ للكتّاب الغربيين بدءا من فولتير، غوته، جورج أورويل، دستويفسكي، مكسيم غوركي…
ووجب أن أشير إلى أن قراءتي لا تقتصر على الرواية وحدها، إذ أغلب قراءتي تكون في :
الفلسفة، السياسة، الدين، الفكر…
– دور النشر ماذا تقول عنها وأي الدور تفضل التعامل معها؟
مؤسسة تجارية تؤمن بالربح، تؤمن بالكتّاب المشهورين الذين سيُذرون أرباحا طائلة عليها، ولا تؤمن بالكتّاب الشباب الذين يحاولون شق طريقهم نحو القمة.
باختصار جُلَّ دور النشر لا تأخذ بأيدي الشباب المبدعين نحو تحقيق طموحاتهم المتجلية أساسا في دخول عالم التأليف والتصنيف.
– ماذا يمكننا أن ننتظر منك في المستقبل؟ وهل من مشاريع أدبية؟
سؤال سوف يجيب عنه المستقبل بنفسه.
أنا الآن بصدد كتابة رواية فكرية، مختلفة كليا عن العمل الأول، كي لا نكرر أنفسنا !
– كلمة أخيرة.
شكرا جزيلا لكم…