حوار أدبي مع القاص عبد المجيد رفيع

0 minutes, 2 seconds Read

1 ـ لو تقدم نفسك للقارئ في كلمات مركزة، ماذا تقول؟

اسمي عبد المجيد رفيع لجأت إلى الكتابة متأخرا.. أتعاطى كتابة القصة القصيرة هواية ولا يمكن اعتبارها احترافا ما دمت لم أنشر إلا منتوجا واحدا في انتظار أن أرزق بصنو له يملأ عليه وحدته.

2 ـ حدثنا عن البدايات والدوافع التي قادتك إلى الكتابة؟

قبل أن أكتب القصة كتبتُ بعض القصائد النثرية.. لكن الكتابة في هذا اللون لم تُقنعني لأنها مليئة بالمتطفلين.. وكتابها أكثر من قارئيها.. كما أن الكتابة النثرية ليس لها صيت في سماء الإبداع نظرا للخلط الذي يغذيه هذا التطفل بين الشعر والنثر.. لأجد نفسي أمام أكثر من دافع يقودني إلى كتابة القصة.. أولها تحقيق الذات وهو العامل المشترك لكل من يكتب وفي أي نوع.. ثانيا لا يستطيعها إلا مثابر أخلص لها وبذل مجهودا في بنائها.. ثم إني أردت أن أهرب من واقع لا أئتمن غده ولا حتى حاضره متسائلا عن غايته من قبولي العيش وسطه وبشروطه.. ففررت من الانحراف ومن السجن ومن التسكع ومن اليأس، وطَعَّمْتُ ذاتي ضد هذه الأشياء بالكتابة وبشروطي.

3 ـ  ما تقييمك للمشهد الثقافي بالمغرب عموما، وببني ملال خصوصا؟

أستطيع أن أعتبر المشهد الثقافي المغربي في الغالب بخير.. طالما هناك من يكتب.. لكن هذا الغالب يكَسِّرُه وجود قلة القراء.. فالقراء في عزوف عن الكتاب إلا من رحم ربك.. وهذا القليل الذي يقرأ هو في صحوة ما فتئت تجلياتها تبرز في السنوات الأخيرة.. أما من ناحية الإبداع فأظن أن المغاربة يتمركزون في الريادة بدليل تبوئهم للمراكز الأولى في المسابقات التي تجرى في الساحة الأدبية العربية، ويبقى القارئ هو قاضي التمييز بين الجيد والرديء. أما بالنسبة للمشهد الثقافي ببني ملال فهو غني بالكثير من الأسماء الأدبية، وإن كان الإعلام مقصرا في حقهم.. لكنهم يشتغلون بمجهودات فردية أو من خلال تكتلات وجمعيات.. كل من موقعه، لإبراز ذواتهم. لكن أظنه في حاجة إلى يقظة حقيقية تمسح عنه غبار العجف (والنسيان).. لكن هذا لا يعني أن المدينة سيئة ثقافيا فهي أنجبت الكثير من المبدعين والباحثين لا يمكن حصرهم بعدد الأصابع.

4 ـ تعتبر القراءة من أهم المحفزات على الكتابة، لمن يقرأ عبد المجيد رفيع من المغاربة؟ وهل تأثرت بكاتب ما خلال بداياتك؟

بصراحة كنتُ دون المتوسط في مجال القراءة.. لا أقرأ إلا لماما.. ولم أنتبه للقراءة بجد إلا عندما قررت أن أكتب.. مع تعرفي إلى جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” ورئيستها القاصة والجمعوية فاطمة الزهراء المرابط تغيرت علاقتي مع الكتاب بصفة عامة.. استفدت كثيرا من منشورات “رونق”.. تعرفت على جيل من الكتاب والكاتبات من خلاله.. أفادتني قراءتي لكثير من منتوجاته الأدبية في تطوير ذاتي (أسلوبي) في الكتابة.. ورغم مشاغل الحياة التي لا تدع لي وقتا كافيا لأمارس فعل القراءة، فإني أحاول جاهدا أن أستقطع وقتا ما استطعت.. وعندما يتوفر لي فإني ألتهم ما أجده أمامي.. لكن المتعة أجدها أكثر في نصوص أحمد بوزفور.. مبارك ربيع.. إدريس الخوري.. وآخرين.. ويبقى أحمد بوزفور أقربهم إلي حين يجمع بين السخرية والإسقاطات على الواقع.

5 ـ ماهي أهم العوامل التي أسهمت في تشكيل تجربتك القصصية؟

أنا إنسان فاشل في أمور كثيرة.. لذلك أبحث عن شيء أستطيع النجاح فيه.. ظواهر كثيرة تستفزني لا أملك لها سلطة التغيير فألجأ إلى الكتابة.. فأنا لا أريد أن أخذل قلمي وبعض الرصيد اللغوي الذي أملك لأنبش عن مادة تصلح أن تترجم إلى قصة.. أيضا لا أريد أن أخذل القاصة المبدعة فاطمة الزهراء المرابط التي تنبأت لي أني أستطيع أن أكون قاصا ناجحا، منذ أن قرأت لي وأنا لا أزال أتعثر في أخطائي.. ومن خلالكم أشكرها جزيلا على كل الخدمات التي قدمتها لي. أيضا أردت أن أكون مثالا لبناتي الثلاث في الإبداع.. وأكون كذلك سمة شرف لأبناء حيي المتاجرين في الفراغ والوهم.

 6 ـ حصلت على عدة جوائز مغربية وعربية، وتم الاحتفاء مؤخرا بفوزك بجائزة “رونق” للقصة، ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟ وما تأثير الجوائز الأدبية على تجربتك الإبداعية؟

الجائزة اعتراف ضمني بأني في الطريق الصحيح.. وحافز لبذل جهد أكبر والاستمرار في مسيرة الكتابة.. لذا فأنا أتريث قبل الإقدام على إنتاج جديد.. إن آمنت أن الجائزة تعطيك قدر حجمك الحقيقي دون مبالغة، فهي مثل المكمل الغذائي تحفزك على السعي وراء الكمال الذي تنشده.

 7 ـ صدرت لك مجموعة قصصية “أسماك لا تجيد السباحة” عن منشورات “الراصد الوطني للنشر والقراءة”، ما أبرز القضايا التي ركزت عليها المجموعة؟

أنا ابن حي شعبي.. يعني أنا ابن الواقع.. وإن لم أكتب عن واقعي فعن أي شيء يمكن أن أكتب.. وواقعي مليء بالظواهر الحسنة والسيئة.. هكذا أكتب.. عن القضايا التي تلامس واقعي وواقع الكثيرين من أبناء الشعب. كتبت عن اللصوص بكل أنواعهم.. وعن المرض.. وعن الاعتقال السياسي.. وعن ظاهرة الشعوذة.. وعن الخادمات في البيوت…

 8 ـ القارئ لقصص مجموعتك “أسماك لا تجيد السباحة” يلمس طغيان تيمة السخرية، ما السبب الذي جعلك تتبع هذا الأسلوب الإبداعي؟

يقول فولتير: «السخرية سلاح من لا يملك سلاحا..»، وأنا كإنسان بسيط، مجرد من كل وسائل الدفاع عن أفكاري ومبادئي وقناعاتي.. لذلك وجدت القلم والورقة.. ثم بحثت عن الطريقة التي يمكن أن أثير بها انتباه الآخرين باستخدام القلم والورقة.. فوجدت السخرية أكثر تأثيرا وشدا للانتباه.. ثم إن السخرية في الكتابة تجعل القارئ لا يضجر أثناء القراءة فتجره هذه التيمة إلى نهاية القصة.

 9 ـ لو تعين عليك اختيار قصة واحدة من مجموعتك القصصية أيهما تختار؟ ولماذا؟

أختار قصة (حدث ذات يوم في المحكمة) لأنها القصة الحائزة على “جائزة أحمد بوزفور للقصة القصيرة”، التي نظمها النجم الأحمر للتربية والثقافة والرياضة والتنمية الاجتماعية، بمشرع بلقصيري، ثم أنها مزيج من الواقع والخيال.. حيث كنت في زيارة إلى المحكمة، فألهمتني تلك الأجواء بكتابة القصة، معتمدا على عدة إسقاطات في ذلك المكان.

 10 ـ من المعروف أن الكاتب المغربي يعاني من مسألتي التوزيع والاحتفاء، ما وجهة نظرك في هذا الواقع؟ وإلى أي حد تمكنت مجموعتك الأولى من تجاوز ذلك؟

نعم، مسألتي التوزيع والاحتفاء، وقبلهما مسألة الطباعة.. كلها مسائل تُؤرق المبدع وتعوقه أن يجد له موطئ قدم وسط زخم الأقلام التي تزداد يوما بعد يوم. لكن أظنني كنتُ محظوظا لأني وقعت بين يدي جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” وعظُم حظي بفوز مجموعتي القصصية “أسماك لا تجيد السباحة” بالمركز الثاني ضمن المسابقة التي تنظمها سنويا.. فكانت الطباعة والنشر والتوزيع والاحتفاء.

11 ـ هل سنرى اسمك ضمن كتاب الرواية يوما ما؟

كتابة الرواية، فكرة تراودني بإلحاح.. لكنها تحتاج للوقت الكافي والمناسب.. أحاول أولا تثبيت اسمي في مجال القصة القصيرة.. وبعدها سوف أرى ما يمكن اختياره في المستقبل.. كما أني لا أريد تشتيت جهدي في خوض تجارب أخرى في الكتابة.. أنا اليوم أمارس فقط قراءة الرواية..

 12 ـ بعد إصدارك الأول، ما هو جديد القاص عبد المجيد رفيع؟

أحاول وضع اللمسات الأخيرة على مجموعة قصصية جديدة.. في انتظار الطريقة المناسبة لتقديمها إلى القارئ” وكما يقول المثل المغربي (لا زربة على صلاح).

 13 ـ كلمة أخيرة.

أشكرك كثيرا أخي الكاتب والمبدع كمال العود على هذا الحوار العميق، آملا أن تجمعنا لقاءات أخرى تهدف إلى خدمة الأدب والإبداع.

ذات صلة