قراءة في رواية “يوسف القويوجاقلي” لصباح الدين علي

0 minutes, 0 seconds Read

مارس الكاتب التركي صباح الدين علي من خلال روايته “يوسف القويوجاقلي”، نقدا اجتماعيا لأوضاع سكان الريف قبل الحرب العالمية الأولى بقليل. وقد فرضت عليه رقابة من السلطات آنذاك، كما تم سجنه بسبب قصيدة قيل انها تهاجم الحاكم أتاتورك.
رواية “يوسف القويوجاقلي” تتمحور حول شخصية رئيسية وهي “يوسف”، طفلٌ يتيم الأبوين فُطِر على الكفاح من أجل البقاء. ظهر في المتن السردي، يوم قدوم وفد حكومي يتكون من مدع عام وطبي حكومي وممثل عن مجلس الإقليم للتحقيق في عملية سطو وحشية وقعت في إحدى قرى الأناضول، حيث يكون يوسف على حافة سرير بجانب والديه المقتولين.

رغم صغر سنه إلا أنه اضطر لمواجهة أحد اللصوص، وفقد جراء ذلك إبهام يده اليمنى، وما أثار استغراب اللجنة والوافدة ذلك الهدوء الذي بدا عليه يوسف رغم مقتل والديه أمام أعينه، فقد أجاب عن أسئلة ممثل مجلس الإقليم باقتضاب وثقة بالنفس.

بعد هذه الحادثة، تنبنى ممثل مجلس الإقليم (قائم مقام) صلاح الدين بيك، الطفل يوسف، هذا الانتقال جعله منطوي على نفسه ويعيش غربة داخلية وخارجية، إلا أنه ارتبط وجدانيا مع ابنة قائم مقام وهي صغيرة، والتي ستكون حبه الأبدي.

فالرواية لم تكتفي بشخصية يوسف وصراعه الداخلي، بل أحاطت بحياة شخصيات ليكتمل المشهد المجتمعي المحيط بالبطل.

وقد أحاطت الرواية بالفساد القضائي، من خلال جريمة قتل، جرت أمام عيون كل المشاركين بحفل زفاف. فجهاز القضاء سعى لحماية الجناة في مقابل المال– مثلا حماية شاكر بيك ابن صاحب مصنع ثري في المنطقة –بأساليب نكراء ويحرص على بقاء أفعالهم دون عقاب.

إلا أن علاقة يوسف بابنة قائم مقام تقع في مركز أحداث الرواية، حيث كانت علاقة الفتاة “مُعَزَّز” بيوسف حميمة منذ البداية وكانت هذه الفتاة ترى فيه حاميها، فترفض الزواج من رجل آخر كان قد وعد بها، إلا أن يوسف الذي يحبها أيضا، لا يتمتع في القرية بأي اعتبار وليس لديه الإمكانيات المادية اللازمة للزواج بها.

وقد هربا إلى قرية أخرى وتمنكنا من الزواج، إلا أن صلاح الدين بيك استطاع أن يحضرهما معه إلى بيته، لكنه بعد فترة مرض توفي قائم مقام، ويفقد يوسف وظيفته الحكومية بعد طرده أو ابعاده قصرا عن القرية، في حين يجري تحويل زوجته الشابة في المنزل في أمسيات ترفيهية إلى مومِس وذلك بمشاركة والدتها. الفتاة معزَّز ذاتها (التي لم يتجاوز سنها الخامسة عشرة بعد!) ضعيفة للغاية بحيث لا تستطيع الدفاع عن نفسها إزاء المحيط الذي يضيّق عليها، فتعيش هذه المرحلة وكأنها في كابوس.

عندما اكتشف يوسف الحقائق عاد إلى بيته ليجده مرتعا للفساد بحضور قائم مقام الجديد، وحلمي بيك الثري وإبنه، وسعى لمعاقبتهم، وبدأ يطلق النار بشكل عشوائي، إلى أن سمع هدوءا في البيت، وحمل معه زوجته وفر هاربا إلا أن زوجته أصيبت بدورها، وقد توفيت في اليوم الموالي، ليدفنها يوسف، ويتوعد القرية بإنتقام.

ذات صلة