بعد الجدل الكبير الذي رافق المشاهد المشينة لأشخاص ظهروا في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم ينتهكون حرمة ضحايا زلزال الحوز المدمر، إلى حد أن بعضهم دعا إلى التشجيع على القدوم إلى المنطقة والزواج بالفتيات القاصرات، دخلت السلطات الأمنية المغربية على الخط، واضعة بذلك النقاط على الحروف في موضوع الخروقات والتجاوزات التي رافقت عملية التضامن الواسعة مع المتضررين، وأساءت إلى قيمتها النبيلة.
وكانت رئاسة النيابة العامة أصدرت تعليمات إلى النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة من أجل التفاعل الجدي والفوري مع البلاغات والوشايات المسجلة بخصوص استيلاء بعض الأشخاص على مواد استهلاكية وسلع تموينية مقدمة في إطار المبادرات التطوعية والعمليات التضامنية مع ضحايا الزلزال.
ولم يتأخر التفاعل مع تعليمات رئاسة النيابة العامة، حيث فتحت فرقة الشرطة القضائية بمدينة تمارة، الخميس، بحثا قضائيا، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للتحقق من الأفعال الإجرامية المنسوبة إلى ثلاثة أشخاص (سائق شاحنة ومساعده ومالك محل للبقالة) يشتبه بتورطهم في خيانة الأمانة، والاستيلاء على مواد غذائية واستهلاكية تم تجميعها في إطار المبادرات التضامنية لدعم ضحايا الزلزال.
ومكنت الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية من تحديد هويتي سائق الشاحنة ومساعده، وتوقيفهما بمنطقة المرس بضواحي تمارة. كما تم ضبط صاحب المحل التجاري وحجز السلع والبضائع المذكورة، الأمر الذي مثل رسالة حازمة لكل من تسول له نفسه القيام بأفعال مماثلة.
في الجانب الآخر من التجاوزات، أوقفت عناصر المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرشيدية طالبا بأحد المعاهد الجامعية، يبلغ من العمر 20 سنة، للاشتباه بتورطه في نشر محتوى تحريضي يهدد فيه بارتكاب أفعال جنسية.
وجاء الاعتقال بناء على رصد مصالح اليقظة المعلوماتية التابعة للأمن الوطني محتوى تحريضيا منشورا على مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم فيه صاحبه أنه سيتوجه إلى إحدى المناطق المنكوبة بالزلزال بغرض ارتكاب اعتداءات جنسية على طفلات قاصرات، وهو ما استدعى فتح بحث قضائي أسفر عن تشخيص هوية المشتبه به وتوقيفه.
في السياق ذاته، لا تزال الأبحاث التقنية والميدانية متواصلة لضبط كل من ثبت تورطه في نشر محتويات مماثلة تحرض على ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص والممتلكات، وهو ما يمثل رسالة حازمة إلى المتورطين في هذه الأفعال، التي أثارت حفيظة شرائح واسعة من المجتمع.
وتمكنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة سطات، من توقيف سائق مركبة نفعية يشتبه في تورطه في محاولة الاستيلاء على كمية من المواد الاستهلاكية المقدمة في إطار الدعم التضامني لضحايا الزلزال.
وفي تعليقه على الموضوع، قال مراد العجوطي، رئيس نادي المحامين في المغرب، إن “تحركات السلطات والنيابة العامة وتفاعلها مع منشورات المواطنين والقبض على المشتبه بهم في هذه الأفعال ستشكل عامل ردع للذين يعتزمون القيام بمثل هذه الأفعال والمخالفات”.
وسجل العجوطي، في تصريح ، أن نادي المحامين أحدث خلية لرصد وتتبع المخالفات المتعلقة بضحايا الزلزال. وأضاف “الخلية أطلقنا عليها “حماية”، بشراكة مع مؤسسة “عطاء”، نتلقى فيها الشهادات وتبليغات المواطنين المتعلقة بمحاولات النصب والاحتيال والتلاعب بالمساعدات وشبهة الاستغلال الجنسي للأطفال القاصرين”.
وتابع قائلا: “تلقينا أزيد من 200 رسالة، أغلبها يتعلق بشبهات الاعتداءات الجنسية على القاصرين المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي”، مؤكدا أن المبادرة بصدد إعداد تقرير حول هذه المخالفات ستقدمه إلى النيابة العامة.
كما شدد على أهمية التضامن الشعبي والمجهودات التي يبذلها الكل لمساعدة المتضررين من الزلزال المدمر، مطالبا بضرورة “التنسيق مع السلطات فيما يخص حضور المتطوعين أو توزيع المساعدات”، في إشارة إلى المزيد من ضبط العملية التي باتت تتميز بالكثير من الفوضى والتجاوزات، حسب المتابعين.