في الآونة الأخيرة، أصبحت كلمة “الشناقة” حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المشهد الإعلامي، بعدما اجتاح هؤلاء الأسواق المغربية مستغلين الأزمات لمراكمة الأرباح. وكما يقول المثل المغربي: “ملي كطيح البقرة كيكثروا الجناوة”، فالشناقة هم أولئك الوسطاء الذين يشترون السلع بأثمان زهيدة ثم يعيدون بيعها بأسعار خيالية، ضاربين بعرض الحائط القدرة الشرائية للمواطن.
إذا عدنا إلى أصل الكلمة، فإن “الشناقة” تحيل لغويًا إلى الشنق والإمساك بشدة، أما اصطلاحًا، فهي ترمز إلى الوساطة التي تضمن لصاحبها هامش ربح كبير، وهو شكل من أشكال المضاربة التي تضر بالسوق والمستهلك على حد سواء.
شناقة الأضاحي.. ضربة موجعة بعد إلغاء العيد
مع أزمة تراجع القطيع الوطني وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، جاء قرار الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة عيد الأضحى كإجراء للتخفيف على المغاربة. غير أن هذا القرار وجه “ضربة قاسية” للشناقة، الذين كانوا قد اقتنوا أعدادًا كبيرة من الأكباش أملاً في تحقيق أرباح خيالية، مستفيدين من امتيازات دعم الاستيراد (500 درهم عن كل رأس). لكن مع إلغاء العيد، وجدوا أنفسهم في مأزق، بعدما راهنوا على ارتفاع الأسعار على حساب جيب المواطن البسيط.
شناقة الأسماك.. وسطاء يضاعفون الأسعار
لم تسلم حتى سوق الأسماك من جشع الشناقة، حيث تمر المنتجات البحرية عبر سلسلة وسطاء غير واضحين، ما يؤدي إلى رفع الأسعار بشكل غير مبرر. ويؤكد عدد من المهنيين أن غياب آليات ضبط السوق يفتح الباب أمام المضاربة، خصوصًا خلال شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على الأسماك بشكل كبير.
الشناقة يشترون كميات هائلة من الأسماك القادمة من مدن مثل أكادير والعيون، ثم يعيدون بيعها بأسعار تصل إلى 70% أكثر من ثمنها الأصلي في الموانئ، مما يجعل المستهلك الحلقة الأضعف في هذه المعادلة.
الشناقة في كل مكان.. حتى في السياسة!
ظاهرة الشناقة لا تقتصر على الأسواق فقط، بل تمتد إلى مجالات أخرى، بما في ذلك السياسة، حيث يظهر “شناقة الانتخابات” قبيل كل استحقاق انتخابي، يستميلون الناخبين بأوراق نقدية أو قفف رمضانية، مستغلين الفقر والهشاشة لضمان أصواتهم.
إن الشناقة، بمختلف أشكالهم، يمثلون تحديًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني وللقدرة الشرائية للمواطن المغربي، ما يستدعي تدخلًا صارمًا لتنظيم الأسواق ومراقبة المضاربة، حفاظًا على التوازن الاجتماعي والاقتصادي.